وهذا صريح في أنه ابتدأ الدعاء مستقبل الناس، ثم أتمه مستقبل القبلة.
وأما من يقول: إنه يخطب، فإنه يقول: إذا أنهى خطبته ودعا استقبل القبلة، وحول ظهره إلى الناس فدعا.
وأكثرهم قالوا: يستقبل القبلة في أثناء خطبته.
وقال الشافعية: يكون ذلك في أثناء الخطبة الثانية؛ لأن عندهم يسن لها خطبتان، كما تقدم.
وإنما استقبل القبلة في الاستسقاء للدعاء دون خطبة الجمعة؛ لأن خطبة الجمعة خطاب للحاضرين وموعظة لهم فيستقبلهم بها، والدعاء تابع لذلك، ولو كانَ
للاستسقاء.
وأما الاستسقاء المجرد، فإنه إنما يقصد منه الدعاء، والدعاء المشروع إسراره دون إعلانه، وإخفاؤه دون إظهاره، فلذلك شرع إسراره في الاستسقاء وتولية الظهر إلى الناس، واستقبال القبلة؛ لأن الدعاء إلى القبلة أفضل.
وقد كانَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستقبل القبلة إذا استنصر على المشركين في يوم بدر وغيره.
وأيضا؛ فإن استدبار الناس في الدعاء واستقبال القبلة أجمع لقلب الداعي؛ حيث لا يرى أحداً من الناس، وادعى إلى حضوره وخشوعه في الدعاء، وذلك أقرب إلى إجابته.