وأجاب أبو حاتم ابن حبان – وهو ممن يقول: إن تحريم كلام كان بمكة -: واجيب عن هذا بجوابين:
أحدهما: أن زيد بن أرقم حكى حال الأنصار وصلاتهم بالمدينة قبل هجرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم، وأنهم كانوا يتكلمون حينئذ في الصلاة؛ فإن الكلام حينئذ كانَ مباحاً، وكان النَّبيّ إذ ذاك بمكة، فحكى زيد صلاتهم تلك الأيام، لا أن نسخ الكلام كانَ بالمدينة.
قلت: هذا ضعيف؛ لوجهين:
أحدهما: أن في رواية الترمذي: ((كنا نتكلم خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصَّلاة)) ، فدل على أنه حكى حالهم في صلاتهم خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد هجرته إلى المدينة.
والثاني: أنه ذكر أنهم لم ينهوا عن الكلام حتى نزلت الاية، وهي إنما نزلت بعد الهجرة بالاتفاق، فعلم أن كلامهم استمر في الصلاة بالمدينة، حتى نزلت هذه الآية ٠
ثم قال ابن حبان:
والجواب الثاني: أن زيدا حكى حال الصحابة مطلقا، من المهاجرين