وأهل هذه المقالة جمعوا بهذا بين حديثي ابن بحينة وحديث أبي هريرة، وما في معناه؛ فان في حديث أبي هريرة، وما في معناه؛ كان قد وقع في تلك الصلاة زيادة كبيرة سهواً من سلام وكلام وعمل، فلذلك سجد بعد السلام، وحديث ابن بحينة، فيه: انه سجد قبل السلام؛ لترك التشهد الأول، فيلحق بالأول كل زيادة، وبالثاني كل نقصنٍ.
ويشهد لذلك: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الظهر خمساً، فسجد له بعد السلام، كما في حديث ابن مسعود، وقد سبق.
لكن قد ذكرنا – فيما تقدم – أنه لا دلالة فيه؛ فإن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما علم بسهوه بعد أن سلم، فكان سجوده بعد السلام ضرورة، لا عن قصد.
القول الرابع: أن سجود السهو كله قبل السلام، إلا في موضعين:
أحدهما: من سلم من نقص ركعة تامة فأكثر من صلاته سهواً، فإنه يأتي بما
فاته، ويسجد بعد السلام، كما في حديث أبي هريرة وعمران بن حصين وغيرهما.
والثاني: إذا شك في عدد الركعات، وعمل بالتحري، فإنه يسجد له بعد
السلام، كما في حديث ابن مسعود، ويأتي ذكره – إن شاء الله.
وما عدا هذين الموضعين، فإنه يسجد له قبل السلام، إلا أن لا يذكر سهوه إلا بعد أن يسلم، فإنه يسجد له بعد السلام ضرورة، كما في حديث ابن مسعود المتقدم.
وهذا هو ظاهر مذهب الإمام أحمد، وعليه عامة أصحابه، ووافقه عليه طائفة من أهل الحديث، منهم: سليمان بن داود الهاشمي، وأبو