والمقصود من [هذا الحديث] : أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاء يشق الصفوف، حتى قام في الصف، فالتفت أبو بكر فرآه، فأشار إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يأمره أن يصلي، فاستدل البخاري بإشارة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أبي بكر على جواز الإشارة في الصلاة.
وليس في الحديث تصريح بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عند إشارته إلى أبي بكر في الصلاة، بل كان قائما في الصف، فيحتمل أنه كان كبر للصلاة، ويحتمل أنه لم يكن كبر.
ولا يقال: لو لم يكن كبر لأمره بالقول دون الإشارة؛ لأن حديث أنس في كشف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الستارة يوم الإثنين، والناس خلف أبي بكر في صلاة الفجر، فيهِ: أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشار إليهم أن أتموا، ثُمَّ أرخى الستر، ولم يكن حينئذ في صلاة.
وكذلك في حديث عائشة، في مرض النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لما صلّي أبو بكر، وخرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين رجلين، فأشار إلى أبي بكر أن صلّ، وتأخر أبو بكر، وقعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى
جنبه.
وقد خرج البخاري ذلك كله في ((أبواب الإمامة)) .
ولعل المعنى في ذلك: أن الإشارة إلى المصلي بما يفعله في صلاته أقل لشغل باله من خطابه بالقول، لما يحتاج إلى تفهم القول بقلبه، والإصغاء إليه بسمعه،