واختلف المتكلمون في أصول الفقه: هل هي مكلفة بالصوم في حال حيضها، أم لا تؤمر بهِ إلا بعد طهرها؟
وقال كثير مِن الفقهاء: أنَّهُ لا تظهر لهذا الاختلاف فائدة.
وقد تظهر لَهُ فائدة، وهي: أن الحائض إذا ماتت قبل انقطاع دمها، فهل يجب أن يطعم عنها لكل يوم أفطرت فيهِ؟ وكذا المريض والمسافر إذا ماتا قبل زوال عذرهما، على قول مِن أوجب الإطعام عَن الميت مطلقاً وإن مات قبل التمكن مِن الصوم.
وإذا انقطع دم الحائض؛ فالجمهور على أن حكمها حكم الجنب؛ يصح
صومها، والمخالف في صوم الجنب يخالف في الحائض بطريق الأولى.
ومن الناس مِن قالَ في الحائض: لا يصح صيامها حتى تغتسل؛ وإن صح صوم الجنب. وحكي عَن الأوزاعي، والحسن بنِ صالح، والعنبري، وعبد الملك بنِ الماجشون
وغيرهم.
وقد حكاه بعض أصحابنا المتأخرين وجهاً في الحائض إذا انقطع دمها: أنَّهُ لا يصح صومها، ولم يحك مثله في الجنب.
ووجه الفرق: أن حدث الحيض مانع مِن صحة الصيام؛ بخلاف الجنابة، فإنه لو احتلم الصائم لَم يبطل صيامه، ولو طرأ الحيض في أثناء النهار بطل الصوم.