إلى الطهر، فكانت تعيب ذَلكَ عليهن، وتقول: ما كان النساء يصنعن هذا.
وإنما كان نساء الصدر الأول يصنعن هذا لشدة اهتمامهن بالصلاة، وأمور الدين - رضي الله عنهن -.
قَالَ ابن عبد البر: إنما أنكرت بنت زيد بن ثابت على النساء افتقاد أحوالهن في غير وقت الصَّلاة وما قاربها؛ لأن جوف الليل ليس بوقت صلاة، وإنما على النساء افتقاد أحوالهن للصلاة، فإن كن قد طهرن تأهبن للغسل، لما عليهن من الصَّلاة. انتهى.
وفيما قاله نظر، فإن جوف الليل وقت لصلاة العشاء، فإذا طهرت فيه الحائض لزمها صلاة العشاء وصلاة المغرب – أيضاً – عند كثير من العلماء.
وإنما أنكرت بنت زيد – والله أعلم – النظر في لون الدم، وأن مدة العادة تحكم بأن جميع ما يرى فيها دم حيض؛ وإن اختلفت ألوانه.
وهذا المعنى أقرب إلى إدخال البخاري له في هذا الباب، وإلى إدخال مالك له في ((الموطإ)) في ((باب: طهر الحيض)) ؛ وسياقهما له بعد قول عائشة الذي صدر به البخاري هذا الباب.
و ((الدرجة)) : قد رويت بضم الدال المشددة وسكون الراء، فتكون تأنيث
((درج)) ، ورويت بكسر الدال وفتح الراء، فتكون جمع ((درج)) كما تجمع
((خرج وترس)) على ((خرجة وترسة)) .
((الدرج)) : المراد به هنا: خرق تلف وفيها قطن، وهو الكرسف، فتدخله المرأة الحائض في فرجها؛ لتنظر ما يخرج على القطن، فإذا خرج عليه دم أحمر أو أسود علمت المرأة أن دم حيضها باق، وإن خرج عليه صفرة فقد أفتت عائشة – رضى الله عنها – بأنه حيض – أيضاً -، وأن الحائض لا ينقطع حيضها حتّى ترى القصة البيضاء.