وقالت طائفة: لا حد لأكثر الحيض، وإنما هوَ على حسب ما تعرفه كل امرأة مِن عادة نفسها، فلو كانت المرأة لا تحيض في السنة إلا مرة واحدة وتحيض شهرين متتابعين فَهوَ حيض صحيح، وري نَحوَ ذَلِكَ عَن ميمون بن مهران والأوزاعي، ونقله حرب عَن إسحاق وعلي بن المديني.
ويشبه هَذا: ما قاله ابن سيرين: النساء أعلم بذلك، كَما حكاه البخاري عَنهُ - تعليقاً - مِن رواية معتمر بنِ سليمان، عَن أبيه، أنه سأل ابن سيرين عَن امرأة ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام؟ قالَ: النساء أعلم بذلك.
ومراد ابن سرين - والله أعلم -: أن المرأة أعلم بحيضها واستحاضتها، فما اعتادته حيضاً وتبين لها أنَّهُ حيض جعلته حيضاً، وما لَم تعتده ولم يتبين لها أنَّهُ حيض فَهوَ استحاضة.
وقد ذكر طائفة مِن أعيان أصحاب الشَافِعي: أن مِن لها عادة مستمرة على حيض وطهر أقل مِن يوم وليلة وأكثر مِن خمسة عشر أنها تعمل بعادتها في ذَلِكَ، مِنهُم: أبو إسحاق الإسفراييني والقاضي حسين والدارمي وأبو عمرو بنِ الصلاح، وذكر أنه نص الشَافِعي -: نقله عَنهُ صاحب ((التقريب)) .
وما نقله ابن جرير عَن الربيع، عَن الشَافِعي، كَما تقدم، يشهد لَهُ - أيضاً.