وذهبت طائفة إلى أنه لا يصلي حتى يجد الماء أو يسافر، وهو رواية عن أبي
حنيفة، ورواية عن أحمد اختاره الخلال والخرقي وحكي عن زفر وداود.
ومن أصحابنا من قال: إن كان يرجو حصول الماء قريبا لم يصلي حتى يجده، وإن فات الوقت.
المسألة الثانية:
أن المريض إذا كان يجد الماء، ولكن ليس عنده من يناوله إياه، فإنه يتيمم
ويصلي، حكاه عن الحسن، وهو –أيضا - قول الأوزاعي والشافعي وأحمد وأكثر
العلماء.
وعن الشافعي: يعيد، وحكي رواية عن أحمد، وظاهر كلامه أنه لا يعيد، وهو المشهور عند أصحابنا.
ولأصحابنا وجه: أنه إن رجا أن يجد من يناوله الماء بعد الوقت قريبا لم يصل بالتيمم، وأخر حتى يجيء من يناوله.
والصحيح: الأول، وأنه يصلي بالتيمم في الوقت، ولا يؤخر الصلاة إلى أن يقدر على الوضوء بعده، كما لا يؤخر المسافر الصلاة إذا رجا الوصول إلى الماء بعد الوقت عقيبه.
وخرج ابن أبي حاتم من رواية قيس، عن خصيف، عن مجاهد، في قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى}[النساء:٤٣] ، قَالَ: نزلت في رجل من الأنصار، كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فيناوله، فأتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر ذلك له، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
المسألة الثالثة:
أنه يجوز التيمم بقرب المصر إذا لم يجد الماء، وان كان يصل إلى المصر في الوقت، هذا هو المروي عن ابن عمر - رضي الله عنه -، وقد احتج به الإمام أحمد، وقال: كان ابن عمر يتيمم قبل أن يدخل المدينة، وهو يرى بيوت المدينة.