والمنصوص عن أحمد، وهو مذهب الشافعي وغيره، أنه يجب الترتيب في التيمم كما يجب في الوضوء، فيمسح وجهه أولا، ثم يمسح كفيه.
ومن أصحابنا المتأخرين من قال: لا يجب الترتيب في التيمم خاصة؛ لأنهم قالوا في صفة التيمم: أنه يمسح وجهه بباطن أصابعه وظاهر كفيه براحتيه، ويدلك كل راحة بالأخرى ويخلل الأصابع. قالوا: فيقع مسح باطن أصابعه مع مسح وجهه، وهذا يخل بالترتيب.
وهذا الذي قالوه في صفة التيمم لم ينقل عن الإمام أحمد، ولا قاله أحد من متقدمي أصحابه كالخرقي وأبي بكر وغيرهما.
قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: أرني كيف التيمم؟ فضرب بيده باطن كفيه، ثم مسح وجهه وكفيه بعضهما على بعض ضربة واحدة. وقال: هكذا.
وهذا يدل على أنه مسح وجهه بيديه، ثم مسح يديه إحداهما بالأخرى من غير تخصيص للوجه بمسح باطن الأصابع، وهذا هو المتبادر إلى الفهم من الحديث المرفوع ومن كلام من قال من السلف: أن التيمم ضربة للوجه والكفين.
وما قاله المتأخرون من الأصحاب فإنما بنوه على أن التراب المستعمل لا يصح التيمم به كالماء المستعمل.
وهذا ضعيف؛ لان التراب المستعمل فيه لأصحابنا وجهان:
أحدهما: أنه يجوز التيمم به بخلاف الماء؛ لأن الماء المستعمل قد رفع حدثا، وهذا لم يرفع الحدث على ظاهر المذهب.
وعلى الوجه الثاني: أنه لا يتيمم بالتراب المستعمل، فالمستعمل هو ما علق بالوجه أو تناثر منه، فأما ما بقي على اليد الممسوح بها فهو بمنزلة ما