وقد روي عن طائفة من السلف تفسير هاتين الآيتين بنحو ما قاله الشافعي، فكل أية منهما متضمنة لذكر الصلوات الخمس، ولكنهما نزلتا بمكة بعد الإسراء.
والله أعلم.
وقد اجمع العلماء على أن الصلوات الخمس إنما فرضت ليلة الإسراء، واختلفوا في وقت الإسراء:
فقيل: كان بعد البعثة بخمسة عشر شهرا، وهذا القول بعيد جدا.
وقيل: أنه كان قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو اشهر.
وقيل: قبل الهجرة بسنة واحدة.
وقيل: قبلها بستة اشهر.
وقيل: كان بعد البعثة بخمس سنين، ورجحه بعضهم، قال: لأنه لا خلاف أن خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة، ولا خلاف إنها توفيت قبل الهجرة بمدة، قيل بثلاث سنين، وقيل: بخمس، وقد اجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء.
قلت: حكايته الإجماع على صلاة خديجة معه بعد فرض الصلاة غلط محض، ولم يقل هذا أحد ممن يعتد بقوله.
وقد خرج أبو يعلى الموصلي والطبراني من حديث إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي، عن جابر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن خديجة؛ فإنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام؟ فقال:((أبصرتها على نهر من انهار الجنة، في بيت من قصب، لا لغو فيه ولا نصب)) .