وأما الخصلة السادسة: فهي المعصية، وتشمل جميع أنواع المعاصي، فهو من باب ذكر العام بعد الخاص، وهو قريب من معنى قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[النور: ٥٦] ، وقوله تعالى {ولا يعصينك في معروف}[الممتحنة: ١٢] . وفي بعض ألفاظ حديث عبادة:" ولا تعصوا في معروف "، وفي بعضها " ولا تعصوني في معروف "، وقد خرجها البخاري في موضع آخر (١) . وكل هذا إشارة إلى أن الطاعة لا تكون إلا في معروف، فلا يطاع مخلوق إلا في معروف ولا يطاع في معصية الخالق.
وقد استنبط هذا المعنى من هذه الآية طائفة من السلف، فلو كان لأحد من البشر أن يطاع بكل حال لكان ذلك للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما خصت طاعته بالمعروف – مع أنه لا يأمر إلا بما هو معروف – دل على أن الطاعة في الأصل لله وحده، والرسول مبلغ عنه وواسطة بينه وبين عباده، ولهذا قال تعالى:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله}[النساء: ٨٠] . فدخل في هذه الخصلة السادسة الانتهاء عن جميع المعاصي. ويدخل فيها – أيضا – القيام بجميع الطاعات على رأي من يرى أن النهي عن شيء أمر بضده.
فلما تمت هذه البيعة على هذه الخصال ذكر لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم من