للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزيد بن أسلم، وهو قول الثوري والشافعي وأحمد، واختيار ابن جرير وغيره من المفسرين (١) .

والثاني: أنه ليس بكفارة بمجرده، فلابد من توبة. وهو مروي عن صفوان بن سليم وغيره، ورجحه ابن حزم (٢) . وطائفة من متأخري المفسرين كالبغوي وأبي عبد الله بن تيمية وغيرهما. واستدلوا بقوله تعالى في المحاربين: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَاّ الَّذِينَ تَابُواْ} [المائدة: ٣٣] .

وقد يجاب عن هذا: بأن عقوبة الدنيا والآخرة لا يلزم اجتماعها، فقد دل الدليل على أن عقوبة الدنيا تسقط عقوبة الآخرة. وأما استثناء الذين تابوا فإنما استثناهم من عقوبة الدنيا خاصة، ولهذا خصهم بما قبل القدرة، وعقوبة الآخرة تندفع بالتوبة قبل القدرة وبعدها. ويدل على أن الحد يطهر الذنب: قول ماعز للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني أصبت حدا فطهرني. وكذلك قالت له الغامدية (٣) ولم ينكر عليها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، فدل على أن الحد طهارة لصاحبه. ويدخل (١٨٩ – ب / ف) في قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أصاب شيئا من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفارته ": العقوبتان القدرية من الأمراض والأسقام. والأحاديث في تكفير الذنوب بالمصائب كثيرة جدا.


(١) ابن جرير في " تفسيره " (٦ / ١٦٩ - ١٧٠) .
(٢) راجع " المحلي " (١١ / ١٢٤) .
(٣) انظر (الفتح: ٦٨٢٤) ، ومسلم (١٦٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>