للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} [آل عمران: ١٣٦] . فيكون التائب – حينئذ – ممن شاء الله أن يغفر له. واستدل بعضهم – وهو ابن حزم (١) - بحديث عبادة هذا: على أن من أذنب ذنبا فإن الأفضل له أن يأتي الإمام فيعترف عنده ليقيم عليه الحد حتى يكفر عنه ولا يبقى تحت المشيئة في الخطر، وهذا مبني على قوله: إن التائب في المشيئة. والصحيح: أن التائب توبة نصوحا مغفور له جزما، لكن المؤمن يتهم توبتة ولا يجزم بصحتها ولا بقبولها، فلا يزال خائفا من ذنبه وجلا. ثم إن هذا القائل لا يرى أن الحد بمجرده كفارة، وإنما الكفارة التوبة، فكيف لا يقتصر على الكفارة؟ بل يكشف ستر الله عليه ليقام عليه ما لا يكفر عنه.

وجمهور العلماء على أن من تاب من ذنب فالأصل أن يستر على نفسه ولا يقر به عند أحد، بل يتوب منه فيما بينه وبين الله عز وجل. روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وغيرهم، ونص عليه الشافعي (٢) . ومن أصحابه وأصحابنا من قال: إن كان غير معروف بين الناس بالفجور فكذلك، وإن كان معلنا بالفجور مشتهرا به فالأولى أن يقر بذنبه عند الإمام ليطهره منه.


(١) " المحلي " (١١ / ١٤٩ - ١٥١) .
(٢) " الأم " (٦ / ١٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>