قلت: قد خرج هذا الحديث مسلم وأبو داود وغيرهما بسياق يدل على بطلان هذا التفسير، من رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن جابر، فذكر حديثا طويلا، وفيه: قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزاة، فقام يصلي، وكانت علي بردة ذهبت أخالف بين طرفيها، فلم يبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تسقط، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء جبار بن صخر فقام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعا حتى أقامنا خلفه. قال: وجعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فأشار إلي أن أتزر بها فلما فرغ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:((يا جابر)) قلت: لبيك
يا رسول الله، قال:((إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك)) .
فهذا السياق يدل على أن بردة جابر كانت ضيقة، لا تتسع للاتزار بها والارتداء، ولذلك تواقص عليها لئلا تسقط.
قال الخطابي في ((المعالم)) : معناه: أنه ثنى عنقه ليمسك الثوب به، كأنه يحكي خلقة الأوقص من الناس - يعني: مائل العنق.
وقد استدل بهذا الحديث من قال: أن الصلاة بإزار واحد مع إعراء المنكبين صحيحة؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر جابرا أن يتزر ويصلي لما عجز عن ستر عورته ومنكبيه بالبردة التي عليه لضيقها.