وهذه الهيئة أخشع هيئات الجلوس؛ وقد سبق ذكر ذَلِكَ فِي ((كِتَاب: العلم)) فِي ((الجلوس عِنْدَ العالم)) .
وإنما نهى عن الاحتباء بثوب واحد، فإذا كان على الرجل ثوب واحد فاحتبى به كذلك بدت عورته، وهذا منهي عنه في الصلاة وغيرها، فإن كان في الصلاة كان مبطلا لها على ما سبق ذكره في كشف العورة في الصلاة، وإن كان في غيرها وكان بين الناس فهو محرم، وإن كان في خلوة انبنى على جواز كشف العورة في الخلوة، وفيه خلاف سبق ذكره.
وإن فعل ذلك وعليه سراويل أو قميص لم يحرم؛ فإن النهي عن الاحتباء ورد مقيدا في ثوب واحد، وورد معللا بكشف العورة.
ففي رواية البخاري - أيضا - من حديث أبي هريرة: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يحتبي بالثوب الواحد، ليس على فرجه منه شيء بينه وبين السماء.
وفي ((صحيح مسلم)) عن جابر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يشتمل الصماء، وان يحتبي في ثوب واحد، كاشفا عن فرجه.
قال عمرو بن دينار: إنهم يرون أنه إذا خمر فرجه فلا بأس - يعني: بالاحتباء.
ومن أصحابنا من قال: حكي عن أحمد المنع من هذا الاحتباء مطلقا، وإن كان عليه ثوب غيره. وهذا بعيد.
وأما الملامسة والمنابذة، فأتي ذكرها في موضعها من ((البيوع)) - إن شاء الله تعالى.