للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

غير أن الحداد الذي أعقب رحيل والدتي قد ملأ روحي. وكان الظلم يثير حفيظتي. وقد عزمت مرة على تأديبه إلا أن الاحترام الذي أكنه للمدير أثناني عن الانسياق وراء هذه الرغبة. ومن جانب آخر، فإن موقفي من هذا المدرب هو موقف شخص اخترق نفسيته. وهكذا كان السخط يتعاظم من الجانبين إلى درجة أني قررت في آخر الثلاثي وقبل أعياد الميلاد أن أذهب إلى مدينة درو حيث كانت زوجتي في ضيافة أمها.

في هذه الأثناء، سنحت لي الفرصة التعرف في المدرسة على بعض التلاميذ الجزائريين الذين التحقوا بالسنة الأولى كبوقادوم وبواعنيني.

كان بواعنيني أكثرهم جدية وودا، وقد أصبح صديقا لي ولم أبخل على مساعدته لاستيعاب مادة حساب التوجيه والكهرباء النظرية. وبقيت باتصال مع هذا الفريق من الطلبة المهندسين حتى أثناء وجودي بدرو وكنت أتوسم فيهم اتجاها جديدا للطبقة المثقفة الجزائرية التي كانت إلى عهد قريب تختار دراسة الحقوق والطب. وكنت أسعى لتبليغ مواطني كل تعلقي الشديد بالتقنية وأسباب ذلك. ولم أكن أضيع وقتي في درو بل كنت ألتهم البرنامج الخاص بهندسة مسح الأراضي بالمراسلة مع مدرسة الأشغال العمومية إذ كنت أعتقد أن هذا التخصص سيكمل بنجاح تكويني كمهندس كهربائي، عزمي وحزمي أكثر من ذي قبل، على التحول والإقامة بالحجاز حيث كنت أفكر في أن أعمل في مجالات الطرقات والمناجم. وتحت ضغط الظروف، أصبحت اتصالاتي بـ (الوطنية الجزائرية) قليلة في الوقت الذي بدأ فيه حضورها بباريس يتسع ويأخذ أهمية. ومن جهة أخرى، فقد غادر فريد