وصلت تبسة وكم كانت دهشتي لما وجدت في حقيبة أرسلت مع أمتعتي نسخة جديدة مجلدة من الأناجيل. أترك القارئ يستخلص معنى هذه المعجزة بتقريبها من الردة المشهودة لعبد الجليل عن الإسلام وتنصره.
كنا في أواخر جويلية ١٩٣٧، وجدت نفسي من جديد بالجزائر التي كانت تسلك بتأن ولكن بثبات سبيل الحضارة تحت راية الإصلاح التي بدأت منذ عام ١٩٢٥. لم أجد في البلاد ذلك الجو الذي تطبعه وحدة الشعور حيث يتفتح فيه الوعي وينضح حول مشكلات واضحة من قبيل القضاء على الأمية وبناء المساجد للسمو بالأرواح فوق وضع ما بعد الموحدين، أي علو على القابلية للاستعمار التي تشكل قاعدة الاستعمار. لم يكن الحديث يجري حول هذه القضايا أو حتى على الله وإنما الكلام على بلوم (Blum) . حتى والدي، وهو أنزه رجل صادفته في حياتي، كانت له بطاقة المناضل الاشتراكي. كانت الفوضى عارمة: فالإصلاح فر هاربا ومعه بذرة المستقبل التي كان يحملها.
وقد أعطى العلماء أنفسهم القدوة والمثل: فبرنار لوكاش (١) والعربي التبسي يتعانقان بتبسة وتخالهما أنهما أخوان. وحتى يعطيا
(١) Bernard Lecache : المناضل الصهيوني الفرنسي المشهور، يعد مؤسس الرابطة الدولية لمحاربة العنصرية ومعاداة السامية (LICRA) في سنة ١٩٢٧. (المترجم).