وبالفعل، لم أنل شيئا إلى يومنا، ولم أرج حتى الآن شيئا في الدنيا. وينتابني خوف رهيب عندما أرى الغنى يهدد آفاقي الشخصية. فالدعاء الذي دعوته من ست عشرة سنة خلت أصبح نوعا منذ اللغز، ونوعا من القدر المحتوم في حياتي.
ولقد تلقيت بالفعل في مدة قصيرة خيبة أملي الكبرى الأولى في جويلية ١٩٣٦ حيث تسارعت أحداث كثيرة في حياتي. كنت من الطلبة النجباء في دفعتي. ولم تكن عندي نقطة ضعف إلا في الرسم. غير أن مصادفة أراها من أسعد المصادفات جعلت موضوع الامتحان رسما كنت قد تدربت عليه من قبل. ثم إن المرء لا يواجه الرسوب من أجل الرسم عندما تكون عنده نقاط جيدة. ومن جانب آخر، طرح علي أستاذ الكهرباء التقنية سؤالا من خارج المقرر، ومنحني نقطة أمام بقية المرشحين وهو يقول: -لم تحفظ درسك وحسب بل فهمته. هنأني بواعنيني -صهر كسوس- على جوابي بتأثر نابع من وطنيته.
لقد كنت سعيدا. غير أني ذهبت لمقابلة المدير ليطمئن قلبي تماما، هذا المدير الذي اعتبرته (قديسا) وطالما كنت معجبا به لعلمه ولتواضعه الكبير. وكنت سعيدا بالحديث معه طيلة الأربع سنوات التي استغرقتها دراستي. ومن جانبه، كان يستقبلني دوما بتلطف لم يكن خافيا علي. استقبلني على عادته، غير أني لاحظت توا بأن ابتسامته المعهودة غابت هذه المرة عن قسمات وجهه. قلت في نفسي بأن مرد ذلك هو التعب الذي انجر عن فترة الامتحانات. وبعد أن عرضت عليه