للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

يطرحون المسائل كما ينبغي، فإن سنة ١٩٣٦، شكلت في الجزائر منعطفا أضاعت من خلاله البلاد دفعة واحدة جني عشرات السنين من الجهود المضنية والمريرة التي تجسدت بشكل رائع في (المؤتمر) الذي لم يدرك أهميته إلا الإدارة الاستعمارية.

وقد أدركت مجموعتنا كذلك الأمر جيدا ولكن ما هي الوسائل التي كانت في متناولنا للتأثير في الضمير الشعبي الذي نومه بن جلول. كما أن ضروريات الحياة كانت تضغط علينا وتحد من نشاطنا. فبن ساعي فقد الأمل في الظفر بشهادته بعد أن أخضعه ماسينيون (١) لمراقبته الشديدة، أما علي بن أحمد فكان يقدم درسا أسبوعيا لمجموعة من العمال تحت إشراف مصالي الذي بدأ، كما أكد لي صديقي، ينظر للأمر بريبة واستهجان، لأن بومنجل كان هناك يحرص، أي بعبارة أخرى، كان ماسينيون يراقب.

أما أنا وبعد أن أدركت أني لن أستطيع أن أفعل شيئا في بلد خاضع لفرنسا فقد بدأت أخطط للسفر للمشرق.

وقد عززني في فكرتي هذه وفد جامعي قدم من مصر، علاوة على لقاء بالصدفة في الحي اللاتيني بيهودي كان تلميذا سابقا بمدرستي وكنت أعرف قيمته النسبية كمهندس.


(١) عاد محمد بن ساعي إلى الجزائر دون شهادة الدكتورة من جامعة السوربون والتي سافر من أجلها وكابد كثيرا. نجا من المجموعة أخوه صالحا الذي تخرج كأول مهندس جزائري مختص في الزراعة الاستوائية. لم يدع ماسينيون ومن ورائه كل ماكينة الصراع الفكري ومصلحة الحرب النفسية Psychological service محمد حمودة بن ساعي إلا بعد أن نال منه وأحاله إنسانا محطعا نفسيا عاش بائسا في كوخ دون صاحبة أو ولد، ومات فقيرا معدما بمدينة باتنة لا يقوى على قوت يومه. (المترجم).