مخيبا. فالدبلوماسي الذي كانت لديه بكل تأكيد كل إمكانيات قراءة رسالتي أو تحويلها لحكومته، وهي وجهتها الأصلية، طلب
مني أن أحرر طلبي بالعربي. أدركت في الحال أن الدبلوماسي النزيه كان إنسانا شرقيا لا يمكن أن يفهم مأساة مثقف مسلم أراد أن ينقذ من الاستعمار أفكاره الأخلاقية وقدراته التقنية أكثر من مستقبله الشخصي. لم يفهم حتى السبب البسيط الذي حداني بأن أوجه له رسالتي عن طريق خاص عوض أن أستعمل البريد الذي يخضع بطبيعة الحال للرقابة الإدارية. كان باختصار يطلب مني أن أضع مسعاي تحت هذه المراقبة، إذ لا يمكنني بداهة أن أجد كل يوم شخصا يحمل مراسلتي. لم يبق لي سوى تنفيذ المطلوب. حررت رسالتي كيفما كان باللغة العربية وأرسلتها بالبريد ثم انتظرت الرد الذي لم يأت ولن يأتي أبدا. ولكني علمت عاما بعدها عن طريق شيخ حاج من تبسة أنه سمع بمكة أن مهندسا من تبسة سيقدم للإقامة بالحجاز. وبما أن الشيخ يعرفني وأدرك أن الشخص الذي كان موضوع الحديث هو أنا شخصيا فقد سألني: - لماذا لم تسافر هناك؟
كان هذا هو الصدى الوحيد الذي وصلني بخصوص الطلب الذي تقدمت به في مرحلة عصيبة من حياتي. وأكثر ما كان يحز في نفسي ويؤلمها هو موقف المسلمين، الخواص منهم والرسميون، الذين خاطبتهم آنذاك، وهو موقف يوافق تماما الرغبة العادية والرقابة