ومهما يكن فقد استسلمت لفشلي مع سفارة مصر فقررت أن أدق باب مندوبيه افغانستان. كان الاستقبال حارا غير أن رئيس المفوضية نصحني أن أتوجه بطلبي إلى (مكتب الهندسة الفرنسية) للحصول على توصية تقدمني بموجبها للحكومة الأفغانية كمهندس. بخلاصة فقد أرسلني الدبلوماسي المحترم مباشرة، ولكن بحسن نية، إلى ماسينيون. انسحبت إذن ولكن بعد أن علمت أن صالح بن ساعي قد دق هذه الباب كمهندس زراعي بعد أن بقي عاطلا عن العمل لمدة ثلاث سنوات. فبدأت أعرف أن الاستعمار يمكن أن يقبل محامين وصيادلة وأطباء من الأهالي ولكنه يرفض في الغالب المهندسين. ومن باب أولى إذا كان هؤلاء المهندسون تحركهم روح كالتي تحركني وتحرك صالح بن ساعي.
كنت أفهم جيدا ذلك ولكني لم أفهم، أو قل لم أرد أن أتقبل فكرة أننا نواجه صعوبات وعراقيل حتى من إخواننا في الدين. وازداد إدراكي أكثر لهذا الواقع. كان على أحد أعضاء البعثة المصرية أن يسافر إلى لندن فحملته رسالة ورجوته أن يسلمها للمفوضية السعودية بمجرد وصوله. شرحت للدبلوماسي السعودي في الرسالة قضيتي وصلاتي الوهابية وكل ما انجر عن ذلك بالنسبة لمسلم مستعمر، وذكرت ما جرى لوالدي الذي كان ضحية أفكاري وحدثته عن قدراتي سواء كتقني أو كمرب. حررت الرسالة بالفرنسية حتى أستطيع أن أقول فيها كل ما أريد في صفحة ونصف. وترقبت الجواب. جاء الرد فعلا، وكم كان