للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

بأني خصم لها خصومة لا تفتأ تزداد عنادا، فإنها لا تسعى إلا لإخفاء التهمة الحقيقية والخطيرة، إذ لا يمكن أن نلوم أحدا باحتشام على رفضه أن يكون مناصرا لأية (مطالبة) كما هو شأن بومنجل، أقصد بومنجل مناضل حزب الشعب الجزائري الذي كان بالفعل (مستشارا تقنيا) لمصالي الحاج حينذاك. ثم إن هذا (المستشار التقني) - وهذه هي صفته الرسمية- عين مع إبراهيم بن عبد الله لعضوية (لجنة لغروزيير) الشهيرة (Commission Lagrosillère) التي سافرت إلى الجزائر لدراسة المشكل الجزائري في عين المكان. وأنا أترك للقارئ عناية فهم أسرار تاريخ الجزائر.

على أية حال، لم يتراء لي مخرج للوضعية التي وصلت إليها. حتى زوجتي نفسها، وهي المتفائلة بطبعها بدأ التشاؤم يغزوها. وكنا قاب قوسين أو أدنى من الانتحار. بيد أن الإنسان يجرب حظه دائما ما دام حيا. كنا في مارس ١٩٣٧، وقتها أعلنت الصحف أن مديرية الأشغال العمومية بتونس تنوي توظيف أعوان تقنيين لإنشاء طرق استراتيجية في الجنوب التونسي. جربت حظي وأعددت طلبا دعمه فيوليت الذي كان رئيس بلدية درو، وكان وزير دولة وقتها. يجب القول أن الوزير دعم الطلب بحرارة، ووصلتني الرسالة التي تم إعلامه بأن طلبي قد حول للمصالح المعنية مع توصية مدعمة. اعتقدت لمدة زمنية أن تأثير وزير ماسوني سيبطل تأثير (صديق المسلمين) ماسينيون. في بدايات ماي، تلقيت جوابا جاء فيه أن الأشغال المنتظرة قد علقت ولن يكون بالتالي ثمة استجابة لطلبي.