بأن أعرض عن ذلك لأن المؤلف منعني صراحة من أن أتحدث عنها ولو بالإشارة والتلميح).
بيد أن بن نبي قرر بعد عامين ونصف كتابة سيرته الذاتية مع نية حازمة لنشرها، والشاهد هو التنبيه الذي ورد في المقدمة بأن الكتابـ (شهادة)، وبهذه الصفة ومن هذا المنظور، فهي (من غير قيمة إن لم تراقب من قبل معاصري كاتبها , وبخلاف ذلك فلن تكون إلا كذبا من صاحبها بعد رحيله أو شهادة مهوس بعقدة الاضطهاد أو طالب شهرة بعد الوفاة).
لماذا لم يقم الكاتب بنشر سيرته الذاتية بعد هذه الكلمات البليغة؟ وهل يمكن أن نعتقد بقدر وإنصاف أن رجلا من معدن بن نبي تخفى عليه الآثار والصعوبات التي يرتبها نشر مثل هذا الكتاب؟
يعرف بن نبي، وهو المطلع الكبير على نيتشه، أن هذا الأخير حمل على نشر الجزء الرابع من كتابه الأبرز:(هكذا تكلم (زرادشت) على حسابه الخاص، فاستعد، من جهته، في تلك الفترة لتمويل، ولو جزئيا، الطبعة المعربة لكتابه (شروط النهضة) على حساب حاجاته الأولية. كما نستشف من خلال رسالة مؤرخة في ٧ أفريل ١٩٥١ موجهة للدكتور عبد العزيز خالدي بأنه أودع مبلغا هاما من المال لدى السيد محمد الصالح بن شيكو، وكان من أعيان قسنطينة، ليسلمها بدوره للسيد عبد القادر ميموني، مؤسس ومدير منشورات (النهضة)، بنية طبع الكتاب ونشره.