فالمهم حاليا هو أن أطروحتي تقع على طرفي نقيض من آراء
ماسنيون البربرية واللاتينية والتنصيرية والمفرنسة. كما أنها لم تكن في بال (أبطال) الجزائريين اللاحقين الذين كان همهم الآني هو السعي الحثيث وراء منصب نائب الوالي أو ما شابه. ومن جهة أخرى، فإنه من المعبر أن يكون بومنجل بالذات هو من عارض أطروحتي وهو الذي سيخبرني، بعد أربع أو خمس أيام، برغبة ماسينيون في مقابلتي. وليس أقل مغزى من ذلك رغبة بومنجل إخفاء علاقته بعنكبوت الكوليج دي فرنس (Collège de France)، و (كل علاقة خفية، هي علاقة آثمة)، كما يقول مثل من بنات أفكاري.
مهما يكن من أمر، لم تشغلني من جانبي نية في الرد على دعوة منفذ وصية الأب دي فوكو. ولم يكن ثمة خوف لأني أبعد من أن أخشى الرجل الذي دعاني، كما أنني أتمتع بقدر من الجسارة يعصمني من خوف عدم الاستجابة للدعوة.
غير أن الغرور أصابني وازدهاني لعدة أيام بعد نجاح محاضرتي.
فقد أطحت بمعارضة بومنجل لها إلى درجة أن بن يوسف عانقني وأن محمد القاسي رئيس الجمعية تحدث عني، بعد جدال مع بومنجل، باعتباري (حامل عقيدة وحدة شمال إفريقيا).
يا إلهي، لقد رفضت شخصية (الإيديولوجي) التي تقمصتها أن تجيب دعوة جاءتها عن طريق واسطة! كان من الواجب أن ترسل لي على الأقل في بطاقة من الورق المقوى!