للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

أدركت إذن أنه يريد أن يقابلني لأني كنت بمثابة الذبابة التي يزعجه طنينها والتي قد تقطع بأجنحتها نسيج بيت العنكبوت التي نسجها. إذ ليس المهم عند عنكبوت من فصيلة جيدة اصطياد الذبابة ولكن القبض عليها دون أن تمس خيوط بيتها بأذى. وأؤكد الأمر، فقد كنت أنا بمثابة تلك الذبابة التي كانت من دون وعي ربما، تهز بجسارة وتهور الخيوط الغالية لبيت العنكبوت.

فبالفعل ألقيت قبل أربع أو خمس. أيام محاضرة في جمعية الطلبة عنوانها: (لماذا نحن عرب؟) (١) وعندما أقول أن بن يوسف قام إثر المحاضرة محمر الوجه من التأثر لمعانقتي، فيجب أن يفهم من كلامي الأثر الكبير الذي تركته محاضرتي في الجماعات الثلاث للطبقة المثقفة لشمال إفريقيا , ويجب أن أضيف أيضا، أن الجماعة الجزائرية كانت حاضرة ممثلة بشخص بومنجل الذي أبدى بالصدفة معارضة لما جاء في المحاضرة. فقد انتقدني حتى في اختيار عنوانها. ولما استعرضت الموضوع على ضوء التاريخ العام لإفريقيا الشمالية، فقد وجد ممثل العصبة الجزائرية أن التاريخ لا يمكن أن يدلنا على مستقبلنا. فهذه الأطروحة هي، كما سنرى فيما بعد، مقدمة لما سيدعيه لاحقا شريكه في تحرير جريدة (La République Algérienne) (الجمهورية الجزائرية) حين أعلن في سنة ١٩٣٦ بأن (التاريخ لم يكشف عن وجود أمة جزائرية) (٢).


(Pourquoi sommes-nous Arabes) (١)
(٢) المقصود هنا هو المرحوم فرحات عباس الذي أنكر وقتها وجود أمة جزائرية! (المترجم).