لوالدتي، التي أصابها مرض أقعدها الفراش منذ خمس عشرة سنة وصحتها مهددة دوما بالانتكاس.
أمام هذا الوضع طلب والدي إحالته على الاستيداع لإعادة والدتي إلى تبسة، وقد صادف ذلك عودتي أثناء العطلة. لم يكن لدي وقتها ميل لأفسر الأحداث التي حصلت لعائلتي بربطها بأسباب منهجية.
فلم يكن لدي وعي بأي منهجية بعد.
فقد كنت أقول ببساطة: يا لسوء الحظ! بعد أن أدرك مثلا أن دراستي أصبحت صعبة أو قل غير مضمونة.
كما أن لي والدة قائمة بالتمام على شؤون البيت وملاكا في آن واحد. فقد عملت ما في وسعها، على علتها وسوء حالتها، أن تظهر لي أن لا شيء قد تغير أو يجب أن يتغير في تدابير العائلة بسبب دراستي. بل وأكثر من ذلك فقد قررت أن ننتقل أثناء عطلتي إلى محطة المياه المعدنية بمنطقة قربص، قرب العاصمة التونسية. وقد أنستنى لبعض الوقت ابتسامتها التي لا تقهر الصعوبات المالية التي تواجهها عائلتي.
وكان والدي مقتنعا بأنه سيعاد إلى وظيفته بمجرد أن يصبح هناك منصب شاغر يناسبه. فعادت الثقة في نفسي تحفزها ثقة والدتي الإرادية وتعززها ثقة والدي البريئة. وانصرفت مطمئنا إلى مراجعة الديناميكية الحرارية والميكانيك والمشتقات.
وصلتني ونحن في قربص بعض أخبار زملائي. فقد علمت بفضل إبراهيم بن عبد الله أن المؤتمر السنوي لجمعيتنا قد انعقد