الأيام، وجدت لدى عودتي من المدرسة رسالة من زوج شقيقتي، حررها بإملاء من والدتي، التي أمدني بشأنها بأخبار جيدة. ولكنها
طلبت قدوم زوجتي في الحين إلى تبسة.
كنت أعرف الكثير عن العقل السامي والمهذب لوالدتي فافترضت أنها ترغب فقط في إعداد زواج ابنها حسب الأصول والمقتضيات. وفي
كل الظروف لم أكن لأخطئ لعلمي أن والدتي كانت تأسف على زواجي الذي لم يحدث تحت إشرافها وفي منزلها. فكأنما لم أتزوج أصلا.
وهكذا بدأت أساعد زوجتي بفرح وغبطة لإعداد سفرها. وغادرت بعد ثلاثة أو أربعة أيام. ولم يبق لي إلا عشرين يوما للانتهاء من الامتحانات وللحاق بها.
طلبت من الحاكم العام الاستعادة من تخفيض في سعر تذكرة السفر إلى النصف فأجابني بأن ليس لي الحق لأن والدي من (المالكين) (propriétaire) (ونحن لا نملك سوى سكننا)، في ذات الوقت الذي استفاد من التخفيض طلبة في الهندسة من سيدي بلعباس من أبناء المعمرين. ولتمام القصة فقط، فقد كنت طالبا متفوقا أي استحق التخفيض.
ومهما يكن، فقد كنت سعيدا يوم مغادرتي باريس. وأثناء الطريق، في القطار أو في الباخرة، كنت أتخيل والدتي وزوجتي تخيطان معا وهما في انتظاري. وكنت أتصور تبادل آرائهما حول عديد من المسائل. فأنا أعلم أن والدتي فضولية تحب الإطلاع وأن زوجتي حبوبة وذات رقة وستشبع فضولها. وكنت أعلم أيضا أن في مقدور زوجتي أن تحول حياتنا العائلية وأن لأمى من الذكاء ما يشجعها على ذلك.