عن أن صلاحيته لإثبات الحدود لا ينازع فيها منصف قط ومما تقدم يرى القارئ الكريم إلى أي مدىً هوى منكرو حد الردة في طعونهم السخيفة في هذا الحديث الذي رواه عن صاحب الدعوة إمام مشهود له بالأمانة والصدق وهو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - الذي دعا له الرسول فقال:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" ثم أخرجه عند الإمام المحدث الجليل صاحب الصحيح المعروف الإمام البخاري - رضي الله عنه -، إمام المحدثين الورعين الثقات وكان الإمام البخاري لا يثبت حديثاً في صحيحه إلا بعد أن يصلي ركعتين ثم يدعو بدعاء الإستخارة، وقد تلقت الأمة صحيحة وصحيح الإمام مسلم بالرضا والقبول.
ولم ينتقص أحد من علماء السلف وفقهاء الأمة الأعلام من شأن هذا الحديث. وترى الفقهاء الأقدمين - جميعاً - يذكرون هذا الحديث وهو يتحدثون عن حد الردة ولم يقولوا إنه حديث آحاد فلا ينبغي العمل به، بل هو أقوى أدلتهم - سنداً ومتناً - على مشروعية القتل حداَ لكل مسلم ارتد عن دينه وأبى أن يتوب.
ومن المبالغات الممقوتة أن منكري حد الردة في هذا الأيام يدعون أن كثيراً من الفقهاء شكك في هذا الحديث. وهذه فرية بلغاء لاستدلها. إن فقهاء الأمة جميعاً سلموا به واعتمدوه ولم يشغب حوله إلا نفر من المعاصرين: اثنان أو ثلاثة وهذا لا يقدح في صحة الحديث أو صلاحيته