للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الحروب والغزوات فلم تكن للإجبار على الدين، وإنما كانت مرحلة متأخرة عن الدعوة إليه.

فالمسلمون كانوا يدعون إلى الدين أولاً، فإن أبى المدعوون الدخول فيه فاوضوهم على عقد صلح بين الفاتحين وبينهم، وهو عقد أمن يكون لغير المسلمين فيه ما للمسلمين، فإن ابوا آذنوهم بالحرب، فيكون الحرب حينئذ من اختيار الشعوب المدعوة لا من فرض المسلمين عليهم ليدخلوا في الدين.

وبعض غزواته وغزوات الخلفاء كانت حروباً دفاعية لا هجومية كما في غزوة بدر وأحد والأحزاب، وغزو الروم حين تآمروا على الإغارة على المدينة عاصمة الدولة الإسلامية الناشئة في لذك الوقت.

ومن رحابة صدر الإسلام، وإقراره لحرية الاعتقاد قوله تعالى:

{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (العنكبوت: ٤٦)

إن من سمات عالمية الإسلامة كفالة حرية الاعتقاد بين الناس، وأنه لا يضيق بمخالفيه في العقيدة، ولو عاش العالم كله في شبر واحد من الأرض تحت ولاية الإسلام، ولو كان المخالف له في العقيدة ملحداً أو مجوسياً.

<<  <   >  >>