للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأُجيب بأن تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره، فلا يتم الاستدلال.

ورُدَّ بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ: "التراب"؛ أخرجه ابن خزيمة وغيره، وفي حديث علي: "جُعِل التراب لي طهورًا"؛ أخرجه أحمد والبيهقي، بإسناد حسن.

وأُجيب أيضًا عن ذلك الاستدلال بأن تعليق الحكم بالتربة مفهوم لقب، ومفهوم اللقب ضعيف عند أرباب الأصول، ولم يقل به إلا الدقاق، فلا ينتهض لتخصيص المنطوق.

ورُدَّ بأن الحديث سِيق لإظهار التشريف، فلو كان جائزًا بغير التراب لما اقتصر عليه؛ وأنت خبيرٌ بأنه لم يقتصر على التراب إلا في هذه الرواية.

نعم؛ الافتراقُ في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدًا دون الآخر -كما سيأتي في حديث مسلم- يدلُّ على الافتراق في الحكم.

وأحسن من هذا أن قوله -تعالى- في آية المائدة: {مِنْهُ} يدل على أن المراد التراب، وذلك لأن كلمة "مِن" للتبعيض كما قال في "الكشاف": أنه لا يفهم أحد من العرب من قول القائل: مسحت برأسه من الدّهن والتراب؛ إلا معنى التبعيض، انتهى.

فإن قلت: سلّمنا التبعيض، فما الدّليل على أَن ذلك البعضَ هو التراب؟ قلت: التنصيص عليه في الحديث المذكور "انتهى.

قال الفقير إلى عفو ربه: والأَظهر هو عدم اشتراط التراب؛ لأَدلة؛ منها:

الأَوَّل: قوله -تعالى-: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} (١).

فكلمة {حَرَجٍ} في هذا السّياق تدلُّ على العموم، فهي نكرة وقعت


(١) [المائدة: ٦].

<<  <   >  >>