للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممّا يدل على أن رفع الصوت بالتكبير أدبار الصلوات ليس بمشروع إلا في مواطن معلومه في الحج: حديث أبي هريرة الذي أخرجه الشيخان (١): "أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: قد ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ قالوا: يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ " قالوا: بلى، يا رسول الله! قال: "تسبحون وتكبرون وتحمدون في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة" قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".

فإنَّ فيه فائدتين:

الأولى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرفع صوته بالتكبير لأنه لو كان يرفع صوته به لأخذه الأغنياء منه مباشرة لا من الفقراء.

الثانية: أنهم لو كانوا يجهرون به ما احتاجوا أن يخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأغنياء علموا.

وإلى هذا ذهب الأئمة الأربعة، وحمل بعضهم ما وود في حديث ابن عباس على التعليم.

ثم إن الأصل في الذكر والدعاء خفض الصّوت والإسرار، كما دل على ذلك بضعة عشر دليلًا ذكر جملة منها شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (٢).


(١) البخاري (٨٤٣)، مسلم (١٣٤٧).
(٢) (١٥/ ١٦).

<<  <   >  >>