للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٤ - قال المصنف (١):

"ولا خلاف بين أهل العلم أن من تكلّم عامدًا عالمًا فسدت صلاته، وإنما الخلاف في كلام الساهي ومن لم يعلم بأنه ممنوع.

فأما من لم يعلم؛ فظاهر حديث معاوية بن الحكم السلَمي الثّابت في "الصحيح" أنه لا يعيد، وقد كان شأنه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُحَرج على الجاهل، ولا يأمره بالقضاء في غالب الأحوال، بل يقتصر على تعليمه وعلى إخباره بعدم جواز ما وقع منه، وقد يأمره بالإعادة كما في حديث المسيء.

وأما كلام الساهي والناسي، فالظاهر أنه لا فرق بينه وبين العامد العالم في إبطال الصلاة.

قال أبو حنيفة: كلام الناسي يبطل الصلاة، وحديث أبي هريرة كان قبل تحريم الكلام ثم نسخ.

وفيه بحث؛ لأن تحريم الكلام كان بمكّة، وهذه القصة بالمدينة.

وقال الشافعي: كلام الناسي لا يبطل الصلاة، وكلام العامد يبطلها ولو قل، وتأويل الحديث عنده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ناسيًا، بانيًا كلامه على أن الصلاة تمت وهو نَسيان، وكلام ذي اليدين على توهم قَصْرِ الصلاةِ؛ فكان حكمه حكم النَّاسي، وكلام القوم كان جوابًا للرسول، وإجابة الرسول لا تُبْطل الصلاة.

وقال مالك: إن كان كلام العمدم يسيرًا لإصلاح الصلاة لا يبطل، مثل أن يقال: لم تكمل، فيقول: قد أكملت، وحديث: نُهينا عن الكلام، و: "لا تكلموا": خُصَّ منه هذا النوع من الكلام، كذا في "المسوى".

أقول: أما فساد صلاة من تكلَّم ساهيًا؛ فلا أعرف دليلًا يدل عليه؛ إلا عموم حديث النهي عن الكلام، وهو مخصص بمثل حديث تكلمه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن سلم على ركعتين، كما في حديث ذي اليدين، فإنه تكلم في تلك


(١) (١/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>