للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اشتراط الأربعين العقلاء الحاضرين الذكور الأحرار تحكم بالرأي بلا دليل وإسقاط للجمعة عمن دون الأربعين، وقد ثبت وجوب الجمعة بعموم الآية والأحاديث والإجماع على كل أحد فمن أراد إخراج أحد عن وجوبها فعليه الدليل، واتفق المسلمون على اشتراط الجماعة لها.

واختلفوا في العدد المشترط لها، وذكر الأقوال، ثم قال: "ونص أحمد على أنها تنعقد بثلاثة، اثنان يستمعان وواحد يخطب، اختاره شيخ الإسلام"، وقال الشيخ سليمان: "وهذا القول أقوى وهو كما قال شرعًا ولغة وعرفًا لقوله: {فَاسْعَوْا} وهذا صيغة جمع، أقل الجمع ثلاثة، وفي الحديث: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم" فأمرهم بالإمامة وهو عام في إمامة الصلوات كلها الجمعة والجماعة، ولأن الأصل وجوب الجمعة على الجماعة المقيمين، فالثلاثة جماعة تجب عليهم الجمعة، ولا دليل على إسقاطها عنهم، وإسقاطها عنهم تحكم بالرأي الذي لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس صحيح" (١).

١٧٦ - قال الْمُصَنِّف (٢):

"إلا في مشروعيّة الخطبتين قبلَها: لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن في الجمعة خطبتين يجلس بينهما، وما صلى بأصحابه جمعة من الجمع إلا وخطب فيها.

إنّما دعوى الوجوب إن كانت بمجرد فعله المستمر: فهذا لا يناسب ما تقرر في الأصول، ولا يوافق تصرفات الفحول، وسائر أهل المذهب المنقول، وأمّا الأمر بالسعي إلى ذكر الله: فغايته أن السعي واجب، وإذا كان هذا الأمر مجملًا فبيانه واجب، فما كان متضمنًا لبيان نفس السعي إلى الذكر: يكون واجبًا، فأين وجوب الخطبة؟

فإن قيل: إنّه لما وجب السعي إليها كانت واجبة بالأولى؛ فيقال:


(١) "الإحكام" للعلامة عبد الرحمن بن قاسم (١/ ٤٤٣).
(٢) (١/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>