للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا رووا عن شخص كانت روايتهم تعديلًا له، وأما ترك الرواية فقد يكون لشبهة لا توجب الجرح، وهذا معروف في غير واحد قد خرج له في الصحيح.

وكذلك قول من قال: "ليس بقوي في الحديث"، عبارة لينة؛ تقتضي أنه ربما كان في حفظه بعض التغير، ومثل هذه العبارة لا تقتضي عندهم تعقد الكذب، ولا مبالغة في الغلط.

أما أبو صالح: فقد قال يحيى بن سعيد القطان: "لم أر أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة ولا زائدة"، فهذه رواية شعبة عنه تعديل له -كما عرف من عادة شعبة-، وترك ابن مهدي له لا يعارض ذلك، فإن يحيى بن سعيد أعلم بالعلل والرجال من ابن مهدي، فإن أهل الحديث متفقون على أن شعبة ويحيى بن سعيد أعلم بالرجال من ابن مهدي وأمثاله.

أما قول أبي حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به"؛ فأبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال "الصحيحين" وذلك أن شرطه في التعديل صعب، والحجة في اصطلاحه ليس هو الحجة في جمهور أهل العلم.

وهذا كقول من قال: "لا أعلم أنّهم رضوه"، وهذا يقتضي أنه ليس عندهم من الطبقة العليا، ولهذا لم يخرج البخاري ومسلم له ولأمثاله، لكن مجرد عدم تخريجهما للشخص لا يوجب رد حديثه، وإذا كان كذلك فيقال: "إذا كان الجارح والمعدل من الأئمة لم يقبل الجرح إلا مفسرًا، فيكون التعديل مقدمًا على الجرح المطلق".

الوجه الثاني: أن حديث مثل هؤلاء يدخل في الحسن الذي يحتج به جمهور العلماء، فإذا صححه من صححه -كالترمذي وغيره- ولم يكن فيه من الجرح إلا ما ذكر؛ كان أقل أحواله أن يكون من الحسن.

الوجه الثالث: أن يقال: قد روي من وجهين مختلفين:

أحدهما: عن ابن عباس.

والآخر: عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>