على ذلك؛ لأنّ قوله - تعالى -: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ إن كانت منسوخة -كما ثبت عن سلمة بن الأكوع عند أهل الأمّهات كلهم: أنَّها كانت في أول الإسلام، فكان من أراد أن يفطر يفتدي؛ حتّى نسختها الآية التي بعدها وهي قوله - تعالى -: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} , ومثل ذلك روي عن معاذ بن جبل؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، ومثله عن ابن عمر؛ أخرجه البخاري -: فالمنسوخ ليس بحجّة بلا خوف.
وإن كانت محكمة -كما رواه أبو داود عن ابن عباس-: فظاهرها جواز ترك الصّوم لمن كان مطيقًا غير معذور، ووجوب الفدية عليه، وهو خلاف ما أجمع عليه المسلمون.
وأمّا قول ابن عباس المتقدّم: فكلام غير مناسب لمعنى الآية؛ لأنّها في المطيقين، لا فيمن لا يستطيع أن يصويم كما قال، وكذلك ما رواه عنه أبو داود أنّها أُثبتت للحبلى والمرضع، فإنه يدل على أنّها منسوخه فيما عداهما".
قال الفقير إلى عفو ربِّه: يرحمك الله ما كان أغناك عن هذا! فلقد أخطأت في حكمك على ابن عباس من وجوه عدّة:
الأول: فهمك -أن الآية منسوخة؛ وأنّه لا وجه لما قاله ابن عباس في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة - فإن الصحابة - رضوان الله عليهم - متفقون على المعنى الذي ذهب إليه ابن عباس:
١ - فقد روى أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (١) عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد في الشيخ إذا كبر ولم يطق الصيام: افتدى بطعام مسكين كل يوم مدًّا من حنطة"، قال ذلك أبو بكر بن حزم عن أشياخ الأنصار".