للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يختلفوا في حكاية ما شاهدوه من أفعال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أنّه أحرم من ذي الحليفة، وطاف أول ما قدم، وسعى بين الصفا والمروة، ثم خرج يوم التروية إلى منى، ثم وقف بعرفات، ثم بات بمزدلفة، ووقف بالمشعر الحرام، ثم رجع إلى منى، ورمى، ونحر، وحلق ثم طاف طواف الزيارة، ثم رمى الجمار في الأيام الثلاثة، وإئما اختلفوا في التّعبير عمّا فعل باجتهادهم وآرائهم.

فقال بعضهم: كان ذلك حجًّا مفردًا، وكان الطواف الأوّل للقدوم، والسّعي لأجل الحجّ، وكان بقاؤه على الإحرام؛ لأنّه قصد الحج.

وقال بعضهم: كان ذلك تمتّعًا بسوق الهدي، وكان الطواف الأوّل للعمرة، كأنّهم سمَّوا طواف القدوم والسّعي بعده عمرة، وإن كان للحج، وكان بقاؤه على الإحرام؛ لأنّه كان متمتعًا بسوق الهدي.

وقال بعضهم: كان ذلك قرانًا، والقران لا يحتاج إلى طوافين وسعيين.

وهذا الاختلاف سَبيله سبيل الاختلاف في الاجتهاديات.

أمّا أنَّه سعى تارة أخرى بعد طواف الزيارة -سواء قيل بالتّمتع أو القرآن-؛ فإنه لم يثبت في الروايات المشهورة، بل ثبت عن جابر أنّه لم يسْعَ بعده انتهى".

قال الفقير إلى عفو ربِّه: وهذا هو الأرجح؛ سواء كان قارنًا، أو مفْرِدًا، أو متمتّعًا؛ وذلك لوجوه:

الأول: أنّ الله - تبارك وتعالى - لم يذكر - بعد الوقوف بعرفة وقضاء التَّفث - إلّا الطّواف بالبيت؛ قال - تعالى -: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)} (١)، ولم يذكر السّعي بين الصفا والمروة.


(١) [الحج: ٢٩].

<<  <   >  >>