للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - باتفاق أهل المعرفة والتّحقيق لم يسعَ إلّا سعيه الأوّل، وقد قال: "خذوا عنّي مناسككم".

ولو كان السّعي بعد الوقوف بعرفة واجبًا على المتمتع دون غيره لأمر به وبينه للأمّة، ولم يفعل - صلى الله عليه وسلم -.

الثالث: أنّه قد ثبت في "صحيح مسلم" من حديث جابر - حينما أمرهم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالتحلّل-: "فأتينا النساء ومسسنا الطيب فلمّا كان اليوم الثامن وأحرمنا بالحج، وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمرة".

الرابع: أنّه قد ثبت عن ابن عباس أنّه قال: "يكفي المتمتع المفرد سعي واحد" (١).

الخامس: أن طاووس - تلميذ ابن عباس -: "أقسم أنَّه لم يطف أحد من أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة" (٢).

قال الحافظ: "وهذا إسناد صحيح" (٣).

فإن قيل: فما الجواب على حديث عائشة، وفيه: "وأمّا الّذين أحلّوا فطافوا طوافًا آخر"؟

فالجواب: أنّ هذه الزيادة في هذا الحديث قد أعلّها كبار أهل العلم كالإمام أحمد وابن تيميّة، بأنّها مدرجة وليست من الحديث وعلى فرض ثبوتها؛ فقد اختلف العلماء على أقوال ثلاثة في مرادها من قولها: "فطافوا طوافًا آخر".

وعلى فرض أنّ مرادها: السعي الآخر؛ فقد تعارض قولها وقول جابر، وابن عباس، ولابد من تقديم أحدهما على الآخر.

فجابر يتحدّث عن نفسه حيث كان متمتعًا ومن كان مثله فينفي السّعي الآخر، وأمّا هي فهي تتحدّث عن غيرها؛ لأنّها كانت قارنة، ولا ريب أنّ صاحب النسك أعلم به من غيره.


(١) صحَّ عن ابن عمر أنه طاف لهما طوافًا واحدًا. ابن أبي شيبة (١٤٣٢٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٣٢٠).
(٣) "الفتح" (٤/ ٥٧٩).

<<  <   >  >>