للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

طاف لذلك طوافًا واحدًا، ثم طاف طواف الإفاضة، ثم طواف الوداع، كما ورد عن جمع من الصّحابة - منهم ابن عمر نفسه في "البخاري" (١) وغيره -، فإذا حمل قوله في الحديث: "كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " على اكتفائه بطوافه الأوّل عن ما بعده من الإفاضة والوداع -كما فهم الشارح واستشكله الحافظ - تناقض حديثاه، وذا لا يجوز، فوجب حمله على معنى لا يختلف مع حديثه الآخر، وليس هو إلّا ما ذكرناه من اكتفائه لقدومه بطواف لحجه وعمرته، لا الاكتفاء به عمّا بعده من الطّواف.

وبعد؛ فإنّ البحث يحتمل الزيادة ولكن المجال ضيّق، فنكتفي بهذا.

ولا بدّ من التنبيه على أمرين آخرين:

الأول: أنّ احتجاج المؤلّف بحديث عائشة، هو مثل احتجاجه بحديث ابن عمر؛ أعني: أن عائشة كانت قارنة، وأيضًا فإنّها كانت حائضًا حين قدمت مكّة، فلم تستطع أن تطوف حتى قضت مناسكها كلها؛ كما في "البخاري" وغيره، فلا يقاس بها الرجال، والنساء طاهرات -كما لا يخفى-.

والأمر الآخر: أنّه قد فاته الدّليل على وجوب طواف الزيارة؛ وهو قوله - تعالى -: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)} وهو طواف الإفاضة؛ كما جزم به الشوكاني في "النيل" (٥/ ٦١)، وكذا ابن كثير وغيره" (٢).

قال الفقير إلى عفو ربِّه: وهذا التحقيق من الشيخ -رحمه الله- يدل على جلالة قدره في العلم، وأنّه إنّما ينبل العالم بقدر إحاطته بالسُّنّة والآثار: سندًا ومتنًا.


(١) (٣/ ٤٢٤ - ٤٢٦).
(٢) "التعليقات الرضية" (٢/ ١١٥ - ١١٦).

<<  <   >  >>