للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الفقير إلى عفو ربِّه:

قال الألباني -رحمه الله-: "لقد تتبّعت ألفاظ هذا الحديث في "البخاري" (١)، ومسلم (٢)، فلم أر فيهما هذا اللّفظ الّذي أورده الشّارح، وكأنّه نقله بالمعنى! وهو تساهل منه، ولا سيما وقد زاد فيه -بناءً على فهمه-: "ولم يطف طوافًا غير ذلك"، ولا أصل لهذه الزيادة عندهما، والنّاظر في ألفاظهما -بتأمّل- يتبيّن له خلاف ما قاله الشّارح؛ ذلك لأنّ ابن عمر كان قارنًا، كما قال في رواية لهما: "إنّي قد أوجبت حجّة مع عمرة، فانطلق حتّى ابتاع بقديد هديًا، ثم طاف لهما طوافًا واحدًا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم لم يحل منهما حتّى حلّ منها بحجّة يوم النّحر -زاد مسلم-: وكان يقول: "من جمع بين الحج والعمرة، كفاه طواف واحد ولم يحل حتّى يحل منهما جميعًا".

فأنت ترى أنّه ليس فيه نفي طواف الإفاضة والوداع، بل قصده بيان أنّ القارن يكتفي أن يطوف لقدومه طوافًا واحدًا لحجّه وعمرته، نعم؛ في بعض الروايات عنه ما يدلّ - بظاهره - على ما ذهب إليه الشّارح، وهو قوله - بعد قول نافع -: فطاف بالبيت، وبالصّفا والمروة، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحلل من شيء حرم، حتى كان يوم النّحر، فنحر، وحلق، ورأى أن قضى طواف الحج والعمرة، بطوافه الأول.

وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا قال الحافظ (٣): "وهذا ظاهره أنَّه اكتفى بطواف القدوم عن طواف الإفاضة، وهو مشكل".

لكن هذا الظّاهر غير مراد هذا الحديث، والدّليل قوله فيه: "كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "؛ فإنّه من المعلوم أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان في حجّه قارنًا، وأنّه


(١) (٣/ ٣٨٩ - ٤٣٣، ٤ - ٩٠٥ - ١٠).
(٢) (٤/ ٥١ - ٥٢).
(٣) (٤/ ٥).

<<  <   >  >>