فإذا تُفُطِّن لهذا؛ عُلم أَنّ كثرةَ طرق حديث:"لا وضوء لمَن لم يَذْكُرِ اسمَ الله عليه" لم تخْفَ على الأَئمّة الكِبَار: كأَحمد، والبخاريُّ، وغيرِهما، حتَّى قال أَحمدُ:"لا أَعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد".
فإنَّ قيل: أَهل العلم يختلفون في اجتهادهم في تحسين الأَحاديث؛ فإنّه باب واسع.
قال الفقير إلى عفو ربِّه: هذا حقٌّ؛ ولكنْ مثلُ هذا يحتاج لاعتضادِه والحكم بظاهره إلى عمل الأَولين من الصحابة وفَهْمِهِم؛ فإنَّ وُجد أَنَّهم أَمروا بذلك على سبيل الاشتراط أَوِ الوجوب؛ قيل به، وإلَّا فإنَّ تركَهم له مِمَّا يدلُّنا على ضعفْه.
ومع ذلك؛ فإنَّ عامة مَنْ ذَهبوا إلى الحديث لم يأْخُذوا بظاهرِه؛ بل فرَّقوا بين المتعمِّد والنّاسي -إلَّا ما نقل عن إسحاق بن راهويه-، وهذا يدلُّ على عدم وجود المتمَسّك به من عمل الصحابة وفَهمِهم؛ إلَّا ما ثبت عند ابن أَبي شَيْبَة عن عمَر - رضي الله عنه - أَنَّه سمّى قبل اغتِسالِه، وهذا يدلُّ على الاستحباب.
٥٠ - قال الْمُصَنِّف (١):
"إذا ذَكَر تقييدَ الوجوب بالذكْرِ؛ للجمع بين هذه الأَحاديث وبين حديث: "مَن توضأَ وذَكَر اسم الله عليه؛ كان طهورًا لجميع بدنه، ومن توضأَ ولم يذكُرِ اسم الله عليه؛ كان طهورًا لأَعضاء وضوئه"؛ أَخرجه الدّارقطنيّ -رحمه الله تعالى-، والبيهقيّ -رحمه الله تعالى- من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، وفي إسناده متروك".
قال الفقير إلى عفو ربِّه: وفيه عبد الله بن حكيمِ أَبو بكر الدّاهريُّ، كذابٌ؛ يروي الموضوعات.