للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الفقير إلى عفو ربِّه: واستدل بعضُ مَن يرى عدمَ وجوب التَّرتيب بحديث المقدام بن معدي كرب، وفيه: "أَن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تمضمض واستنشق بعد غَسل يديه"، رواه أَحمد (١)، وأَبو داود (٢).

والحقُّ: أَن هذا الحديثَ لا دليل فيه على عدم وجوب التَّرتيب بين فروض الوضوء؛ وذلك أَنّ المضمضة والاستنشاق تابعان للوجه، وليسا عضوا مستقلًا، نعمْ؛ يصحُّ الاستدلال لو جاء في الحديث أَنَّه: "غَسل وجهه بعد يديه" إلَّا أَن ذلك لم ينقلْ في حديثٌ صحيحٌ ولا ضعيف.

ولو أَنّه اسْتُدلَّ به على جواز تأْخير المضمضة والاستنشاق بعد غَسْل اليدين؛ لكان مقبولًا.

(تنبيه): ثبت عن الصّحابة -رضي الله عنهم- القولُ بعدم وجوب التَّرتيب بين عضويِ الفرض الواحد؛ منهم:

أَوّلًا: فعن عليٍّ - رضي الله عنه -، أَنَّه قال: "ما أُبالي لو بدأْتُ بالشِّمال قبل اليمين في الوضوء": أَخرجه ابن أَبي شَيبة (٣): ثنا حفصٌ، عن إسماعيل بن أَبي خالد، عن زياد، عن عليٍّ به.

ثانيًا: وعنِ ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه -، أَنه سُئل عن رجلٍ توضأَ فبدأَ بمياسرِه؟ فقال: "لا بأس": أَخرجه الدَّارقطنيّ (٤): ثنا هُشيم، قال: أَخبرنا المسعوديُّ، عن سلمة بن كهيل، عن أَبي العبيدين، عن ابن مسعود؛ مثلُه، وقال: "صحيح"، ولعلّه يقصر إلى الحسن؛ للكلام المعروف في المسعودي.


(١) "المسند" (٤/ ١٣٢).
(٢) "السنن" (١٢١).
(٣) "المصنف" (١/ ٤٢١).
(٤) "السنن" (١/ ٨٩).

<<  <   >  >>