للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نعمْ؛ ثبت عن ابن عمر أَنّه قال: "قُبلَةُ الرجل امرأَتَه وجَسُّها بيده ملامسةَ، فمَنْ قَبَّل امرأَتَه أَو جَسّها بيده؛ فعليه الوضوء".

أَخرجه مالك (١) عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أَبيه به.

وأَيضًا صحَّ عن ابن مسعود أَنّه قال: "المُلامسة ما دون الجمَاع، إنْ مسَّ الرَّجلُ جسدَ امرأَتِه بشهوة؛ ففيه الوضوء"، أَخرجه الطبرانيّ (٢): حدَّثنا عليّ بن عبد العزيز: حدَّثنا حجّاج بن منهال: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن حمّاد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود به.

ولكن خالفهما -كما علمتَ- عمر وابنُ عبَّاس - رضي الله عنهم -، والحجّة معَهما؛ لأَوجهٍ ثلاثة:

الوجه الأوّل: ما ثبت في "الصَّحيحين" عن عائشة، قالت: "كان إذا سجد غمَزَني فقَبَضْتُ رِجْلِي"، ولمسلم: " ... وضعتُ يدي على بطن قدميه وهما منصوبتان"، وهذان الحديثان يدلَّان على أَن اللّمس غير موجب للنّقض.

الوجه الثَّاني: قاعدة بقاء الأصل: "لا خلاف أَنَّه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أَنّه توضأَ من الْمسّ، ولا أَمر بذلك، مع أَن النَّاس لا يزال أحدُهم يَلْمِس امرأَتَه بشهوة وبغير شهوة، ولم ينقل عنه مسلم أَنَّه، - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء من ذلك، والقرآن لا يدل على ذلك؛ بل المراد بالملامسة الجماع، وهو مقتضى أُسلوب الآية، وبه فسّرها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ حبر الأُمّة؛ لكن الاستحباب متوجّهٌ ظاهر، فيستحبّ أَن يتوضأَ من مسّ النِّساء بشهوة" (٣).

الوجه الثالث: ما روته أُمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: "أَن


(١) "الموطأ" (١/ ٥٠).
(٢) في "المعجم الكبير" (٩/ ٩٢٢٩).
(٣) "الإحكام" (١/ ٧٦) للعلّامة عبد الرَّحمن بن قاسم. نقلًا عن الشَّيخ.

<<  <   >  >>