للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم

لتجبر منه جابرًا ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمصم

فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى فإن الشعر أهون وسائلك عندنا أما صنوة مالنا فلآل الزبير وأما عفوه فإن بني أسد تشغله عنك وتبرأ، ولكن لك في مال الله حقان، حق برؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق بشركتك أهل الإسلام في فيئهم. ثم أخذ بيده فدخل به دار النعم فأعطاه قلائص سبعًا وجملاً رحيلاً وأوقر له الركاب برًا وتمرًا وثيابًا، فجعل النابغة يستعجل فيأكل الحب صرفًا. فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى لقد بلغ به الجهد، فلما قضى نهمته قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت خيرًا فأنجزت. فأنا والنبيون فراط القاصفين». قال: يقال لا تقصفوا علينا: أي لا تجتمعوا، وقيل: القاصف: المتأخر وهو أشبه بالمعنى لأن أصل القصف: الكسر فكأنه المنكسر عن الجماعة، المتأخر عنها. وإنما ذكرنا هذا الخبر بخبره الذي روي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعني النابغة الجعدي فأنشده شعره الذي يقول فيه:

أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابًا كالمجرة نيرا

فلما بلغ قوله:

علونا العباد عفة وتكرما ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

<<  <   >  >>