للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أن ينعتا كما قال سيبويه، لأنهما بلفظ الإفراد منوي بهما الإضافة، فقولك: «مررت بكل، وبعض» بمنزلة مررت بكلهم وبعضهم إذا صارا بأنفسهم معرفة وصارت المعرفة التي لحقت في المضمر المتصل بهما نكرة، ولم يجز أن ينعت بهما لأنهما بمنزلة المضمر، والمضمر لا ينعت به الظاهر، وهذه العلة أيضًا هي المانعة من إدخال الألف واللام عليهما فيقال «الكل»، و «البعض» لأنهما بمنزلة المضمر، والمضمر لا يعرف بالألف واللام لا يقال «الأنت» و «الأنا» و «الهو» وما أشبه ذلك.

وعلة أخرى إنهما بمنزلة المضاف إلى المضمر فكل بمنزلة كلهم، وبعض بمنزلة بعضهم، فكما لا يقال: «الكلهم» و «البعضهم» كذلك لا يقال «الكل» و «البعض» يمنع ذلك القياس وأنه لم [يجئ] في شيء من كلام العرب البتة. فإدخال الألف واللام عليهما خطأ قياسًا كما ترى، وسماعًا إلا مجازًا واتساعًا وصرفًا لهما عن هذا المعنى.

قال أبو عثمان المازني: سألت أبا الحسن الأخفش عن إدخال الألف واللام في «كل» و «بعض» أيجوز أن أقول: جاءني الكل؟ عندي البعض؟ إذا كنت اذهب إلى قوم قد عرفهم من أخاطبه؟ فقال: «أراه جائزًا ولا أعرفه من كلام العرب لأن العرب لم تدخل الألف واللام هاهنا» فقد دلك الأخفش هنا، وروايته على أن العرب لم تستعمل هذا بالألف واللام.

وأما إجازته إياه على ضعفه فإنما هو رأي رآه وليس بجائز للعلتين اللتين ذكرناهما وهما أنهما بمنزلة المضمر لا يدخله الألف واللام [أو] بمنزلة المضاف إلى المضمر ولا تدخله الألف واللام إلا بأن يخرجا عن ذلك التقدير ويجعلا اسمين وضعا على قوم قد عرفهم المخاطب غير مفصولين من الإضافة ولا مقدر ذلك فيهما فيكون ذلك جائزًا وعلى هذا الوجه وقعت المسامحة في استعمالها في كلام المتأخرين، فكثيرًا ما ترى استعمالها بالألف واللام في كلام أهل العلم، ووجهه على ما ذكرت لك.

فإن قال قائل فقد ذكرت معنى قول سيبويه وشرحته في امتناع «كل» و «بعض»

<<  <   >  >>