فقرآن: اسم لهذا الكتاب خاصة موضوع على معنى قد عرفه العرب من لفظة كانت تستعملها قبله. فقد بان أنها لفظة مشتقة من أصل متقدم.
وكذلك الوضوء للصلاة أصله النظافة، والتيمم أصله التعمد، والتغوط أصله إتيان الغائط: وهو المكان الغامض المطمئن من الأرض. والحش أصله البستان، والكنيف أصله الساتر ومثل هذا كثير جدًا نظر فيه وفي أمثاله العلماء باللغة فعرفوا أصوله واشتقاقه وتكلموا عليه لا أن العرب كانت تتعمد في كلامهم تعلم الإعراب وتصريف الاشتقاق وإنما نقول: إن العرب كانت تتكلم بهذا الكلام طبعًا على جهة العادة الجارية مجرى الطبع لأن المطبوع على الشيء لا يمكنه الانتقال عنه، ولكن قد يقال لبعض العادات طبع لأنها تجري مجراه في أكثر أحوالها. ألا ترى أن العربي القح لو نزل بعض بلاد العجم وأقام فيه سنتين لتعلم من كلامهم وتكلم به افتراه انتقل طبعه؟ بل تغيرت عادته. ألا ترى أبا مهدية - وكان أعرابيًا يأخذ منه أبو عمرو بن العلاء وأمثاله بالبصرة - لما سمع كلام العجم [قال] يقولون لي شنبذ ولست مشنبذًا ... طوال الليالي ما أقام ثبير
ولا قائلاً زوذًا لا عجل صاحبي ... وبستان في صدري علي كبير
فقد تكلم بكلام العجم كما تراه حاكيًا له.
وقد جاءت ألفاظ من كلام العجم في أشعار الفصحاء من العرب نحو الأعشى والعجاج ورؤبة وغيرهم. ولهذه العلة فسدت لغات من خالط من الأعراب أهل الحضر لأنهم سمعوا كلام غيرهم فاختلط عليهم كلامهم. ولو كانوا مخلوقين على النطق