فأخبر أن غياظًا وغائظًا من الغيظ. وقد قال بعضهم:«إنما سميت هانئًا لتهنأ».
وقد نقل هذا المعنى في الاشتقاق المحدثون من الشعراء وإن كانوا ليس بحجة إلا أن فعلهم لذلك دليل على أنهم اتبعوا ما وجدوا للعرب فيه مسلكًا، كما أنهم سلكوا في أوزان الشعر ورسومه مذاهبهم حتى ولدوا من ذلك المطابقة في الشعر وهي في أشعار المتقدمين قليلة إلا أنهم لما وجدوا لها رسمًا متقدمًا تبعوه.
وقد كان من العرب من إذا ضرب امرأته المخاض خرج على وجهه فإذا استقبله شيء سمى ولده به فلذلك تسموا بالنمر والأسد والكلب وما أشبه ذلك. وقد كانوا أيضًا يسمون أولادهم بالأسماء البشعة ومماليكهم بالأسماء الحسنة، ويقولون: أسماء أولادنا لأعدائنا وأسماء مماليكنا لنا. وقد ذكر أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد في كتابه الكبير في الاشتقاق من هذه الأسماء ما يكثر تعداده ويدل جميع هذا على أنها قد كانت تسمى في بعض الأحوال بأسماء سابقة [لها] أصول تنقلها وتسمى بها. ومن ذلك في الإسلام تسمية أبي بكر بالصديق وعمر بالفاروق. ولا يمكن لأحد أن يدعي أن هذا غير مشتق لأن أبا الصديق سمي بذلك لكثرة تصديقه النبي صلى الله عليه وسلم. و «فعيل» من أبنية المبالغة، وكذلك عمر سمي بالفاروق لأنه فرق الله بإسلامه بين الكفر والإسلام وكان الإسلام قبل إسلامه ضعيفًا والمسلمون يعبدون الله سرًا، فقال عمر: لا يعبد الله سرًا. وجاهر المشركين بذلك. فهذا معنى الاشتقاق في القرآن والشريعة والدين والآثار، وهو المذهب الذي نحاه أهل العربية وقاسوا عليه، كما طلبوا مقاييس النحو والعروض والقوافي وغير ذلك من علوم العرب.