لن يجد القارئ للانحرافات الفكرية المعاصرة عناءً في إدراك طريقة تسويق كثير من الانحرافات المعاصرة من خلال رفعها على منصة الخلاف الفقهي؛ إذ أصبح الاستناد إلى خلاف الفقهاء غالبًا على كثيرٍ من تلك الدراسات والمقالات، ومع أنَّ الانحراف الفكري يستند إلى الخلاف الفقهي إلا أن طبيعة الخلاف الفقهي وسموَّ مرجعيته وشخصية أهله تجعله غير قابل للتقليد، فينكشف سريعًا كلُّ من يحاول أن يغطي انحرافه بستار الخلاف الفقهي، وتبدو البقع السوداء واضحة عن يمينه وشماله كاشفةً للبصير براءة هذا الانحراف عن الخلاف الفقهي.
ولعلِّي هنا أضرب مثالًا للبقع السوداء التي تلازم الانحراف الفكري حين يتستر بالخلاف الفقهي بمسألة (حدود الحجاب الشرعي) الذي يرضاه اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أظن أن ثمَّ مسألة فقهية يعرف الناس الخلاف فيها كهذه المسألة، وكثيرًا ما يتكئ (المنحرف) عن النص على آرائك تبرير التبرُّج والتعرِّي من خلال إشاعة هذا