فهو يعتذر بأنه مضطر لأجل واقع، بينما كلامه تأصيل كلي دائم، كما لو أن شخصًا شارك في بنك ربوي لأجل مصلحة راجحة ثم صار بعد ذلك يقول إن الربا حلال لأنه لا فرق بينه وبين البيع واللَّه تعالى يقول {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف: ٣٢]!
فكما أن بعض الإسلاميين يشارك في بعض النظم العلمانية لأجل الإصلاح، فهذا لا يجيز له أن يقول بأن الشريعة جاءت بفصل الدين عن الدولة؛ لأنه هو الممكن في تلك المرحلة! ولا يمكن أن يقال إن الخلاف بين (الإسلامي) الذي يشارك في نظام علماني و (العلماني) الذي يرى فصل الدين عن الدولة خلف يسير!
[مناقشة الأصل التلفيقي الرابع]
أن أحكام الشريعة لا تطبق إلا عبر الناس، وهم أضمن للشريعة.
وهنا حديث في البدهيات، فلا شك أن كل الأفكار والاتجاهات لا تطبق إلا من خلال الناس، هذه بدهية لا معنى للنقاش حولها، بل حتى الاستبداد والظلم يطبق من خلال الناس، فالخلاف هنا خلف في (المشروعية) وليس في (التنفيذ) أو (الوجود).
فعامة الباحثين في الفكر الإسلامي يقول إن سيادة الأمة سيادة تنفيذ، ولا إشكال، الخلل هنا أنهم جعلوها سيادة تشريع يمكن أن تشرع ما يخالف الشريعة، ولا تكون الشريعة نافذة إلا بعد رضاهم.
وكونهم أضمن للشريعة، يعني أنهم يتحدثون عن (تنفيذ)، بينما الخلاف في (التشريع).