هلع وارتباك وتحفّز يصيب كثيرًا من المؤلفين المعاصرين في موضوعات النظام السياسي حين يمر على بحث (حد الردة) في الإِسلام؛ فهو يشكل إحراجًا لا يطاق أمام ضغط الثقافة الغربية المعاصرة التي تضع (الحرية الدينية) في قمة هرم الحقوق والحريات المدنية التي تحتضنها، وتقاتل في سبيل التزام جميع الأمم والحضارات بها على وَفْق التفسير والمعيار الغربي.
فتوالت البحوث والدراسات التي تبحث في الدلائل الشرعية عما يخفف من شدة نكير الأصوات المستغربة ليصلوا بيهذا الحكم الشرير إلى (النفي) أو (التأويل) أو (التكييف) الذي يجعله متلائمًا مع الحالة المعاصرة.
وهذا ما يفسر لك أن البحث في إشكالية الردة وإثارة الخلاف حول حكم المرتد لم يكن له أي حضور في المذاهب الفقهية السالفة؛ فمع أن الفقهاء يختلفون في كثيرٍ من المسائل، ويتنازعون حتى في المسائل التي وردت نصوص صريحة فيها إلا أن إقامة الحد على الرجل المرتد لم يكن مجال خلافٍ بينهم؛ فقد أجمع عليه الفقهاء كافة،