الأصل الثالث: أن سيادة الأمة هي الطريق الأمثل لحكم الشريعة في عصرنا الحاضر، وليس بيد الناس استطاعة شرعية لتطبيقها من دون هذا الطريق.
الأصل الرابع: أن سيادة الشريعة لا تطبق إلا عبر الناس أنفسهم، فإن لم تجعل السيادة بيد الناس فستجعلها بيد المتغلب، وكونها بيد الناس أضمن، كما أنهم هم المكلفون بتطبيق الشريعة.
وعامة ما يقال في هذا السياق لا يخرج عن هذه الأصول الأربعة.
[مناقشة الأصل التلفيقي الأول]
يقول هذا الأصل أنه لا بد من رضا الأكثرية وإلا كان إكراهًا.
وهذا التلفيق يخالف المنهج الإِسلامي في أساسين:
الأساس الأول: أن تسمية حكم الإسلام هنا (إكراهًا) هي تسمية منطلقة بحسب الرؤية الديمقراطية، وليست بحسب الرؤية الإسلامية، فالاختيار حسب المفهوم الديمقراطي الليبرالي يتحدد من خلال التصويت الانتخابي، وأي حرمان منه فهو إكراه، وأما الاختيار في التصور الإسلامي فهو تابع للإسلام، فالمسلم حين يدخل في الإسلام فقد اختار أن يحكم بالإسلام، فليس هناك درجة أخرى من الاختيار {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: ٣٦]، {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧)} [النور: ٤٧]، فالرضا بحكم الإسلام هو من لوازم إيمان المسلم، فكما أن المسلم لا يختار بعد إسلامه أن يصلي أو يصوم أو يبر والديه، فكذلك لا يختار حكم الإسلام.
إذن، فحين تحكم المسلمين بالإسلام فهذا من اختيارهم، وليس فيه أي إكراه، فالاختيار يعرف بدخولهم في الإسلام، وليس بإجراء انتخابي معين، فقبل أن